"سيريانيوز" من داخل "سلمى" المنكوبة..الموت لم يغادر بعد بلدة "المليون برميل"

31.01.2016 | 21:11

 

شبح الموت والدمار يخيم على كل مكان، فلا حياة هنا، باستثناء عسكريين يجوبون الشوارع بحذر المتوجس، يتنقلون قفزا معظم الاحيان على اسطح المنازل المهدمة والمسواة على الارض، في وقت مازالت ادخنة سوداء تنبعث من اماكن هنا وهناك، وصمت مريب لا يقطعه سوى أغان تنبعث من راديو السيارة تمجد الجيش الروسي "الذي  سيدوس الارهابيين"  رغم ان اي روسي لن تجد هنا، فكل المقاتلين من ابناء القرى المجاورة او عسكريين بالجيش النظامي.

 

سلمى

 

كانت سيارتنا تشق طريقها ببطئ على الطريق الرئيس الواصل بين اللاذقية وصلنفة، متجهين إلى بلدة سلمى التي سيطر عليها الجيش النظامي قبل نحو اسبوعين- بعد بقائها نحو 4 سنوات بايدي المعارضة-مدعوما بجماعات مسلحة موالية له وبتغطية جوية من الطيران الروسي، ليخرج الفصائل المعارضة من البلدة التي كانت تعد اكبر معاقل المعارضة المسلحة في ريف اللاذقية وتبعد عن المدينة قرابة 45 كم.

أرتال كثيرة  من السيارات السياحية تملأ الطرقات قاصدة مصيف صلنفة للتمتع بثلوجه بعيدا عن صخب المعارك الذي كان يسمع بشكل واضح في سنوات خلت، كما أن سقوط قذيفة هنا وهناك كان امرا عاديا في هذه المناطق رغم بعدها عن مناطق الاشتباكات في جبل الأكراد  الذي احتضن أكبر معاقل المعارضة المسلحة في اللاذقية على مدى أربع سنوات.

 

سلمى

لم يكن مرد الزحام فقط كثرة السيارات المتجهة إلى صلنفة، بل كانت نقط التفتيش والحواجز العسكرية المتناثرة هنا وهناك تلبع دورا رئيسا في خط السيارات الطويل الذي لن يستمر طويلا بعد تجاوز اخر حاجز بعد قرية صلنفة، حيث طريقنا الاجباري للوصول الى مقصدنا المنشود، مرورا بالبلاطة وعرامو.

 

سلمى

 

كنا وحدنا في الطريق هناك، فمن النادر أن توجد سيارة متجهة الى مناطق أبعد، "فالمكان ليس آمنا بشكل تام، والفصائل المعارضة لم تستسلم تماما حتى الان ، وما زالت تقاوم في بعض الجيوب ، معتمدة خطة حرب العصابات، بهدف استنزاف الجيش النظامي بشريا دون تحقيق خسائر تسجل في صفوفها" ، حسب مصدر عسكري في المكان.

تكثر الحواجز العسكرية مع وصولنا الى سلمى لم يكن سببا لاي ازدحامات لان البلدة مازالت خالية تماما من اي حياة الا من الوجود العسكري، حيث تستقبلك المنازل المدمرة والطرقات المخربة بفعل القذائف والصواريخ، البراميل المتفجرة ما حدا بناشطين اطلاق اسم "أرض المليون برميل". على البلدة المنكوبة.

سلمى

 

وتمكن الجيش النظامي بعد السيطرة على سلمى ومساحات أخرى في محيطها منتصف شهر كانون الثاني ، من  عقْد وصل ليس فقط بين مناطق ريف اللاذقية فحسْب، بل بينها وبين سهل الغاب وريفي إدلب وحلب أيضاً.

ويقول ناشطون إن ضباطا من روسيا قادوا ميدانيا الهجوم على مدينة سلمى ، وعرضوا مشاهد لهم من أرض المعركة بثتها أيضا صفحات موالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم وجود كل اثار الحرب واهواله هنا إلا ان اي محاولة لن تجدي نفعا للعثور على فوارغ طلقات تغطي الأرض أو آثار رصاص حفرت دوائر في الجدران ، ما يشي أنه  لم تحصل أية اشتباكات في البلدة بل كانت سياسة القصف الأساس للسيطرة، وهو ما كان واضحا بشدة في آثار الدمار الكلي في البنية التحتية خاصة وسط البلدة.

 

سلمى

 

وباستطاعة اي داخل الى البلدة المنكوبة قراءة الكثير من العبارات المكتوبة حديثا على الجدران، والتي تهلل لـ "صقور الصحراء"، الفصيل الذي يرأسه محمد جابر شقيق أيمن جابر أحد أكبر أعمدة النظام اقتصاديا، الموصوف بحسب مصادر معارضة بأنه "رجل ايران في المنطقة".

وحسب المصدر العسكري الذي فضل عدم ذكر اسمه فإن "الصقور كانوا المشرفين على عمليات سلمى ومحيطها بترشيح من الروس أنفسهم ، بعد أن ضاقوا ذرعا بتجاوزات الدفاع الوطني المتهم بما بات السوريين يطلقون عليه اسم (التعفيش)" وتعني سرقة اثاث البيوت التي يخرج اصحابها منها بسبب الاشتباكات، وهو ما يشير اليه وجود غرفة نوم مجهزة للنقل وضعت في الشارع العام.

 

سلمى

 

رغم وجودها فيها مدة 4 سنوات، فإن لا أثر واضحا لسيطرة الفصائل المعارضة على البلدة ، ماعدا  دبابة محروقة بصاروخ كانت مركونة على جانب الطريق إضافة لعبارة واحدة- يبدو انها تركت عن عمد- وتؤكد على "رفض الديمقراطية وضرورة احكام شرع الله" ،  فيما طمست اي عبارات عبارات اخرى، واستبدلت بصور للرئيس بشار الأسد ولافتات تؤكد بقاء حكمه وحتمية قضاءه على "الارهابيين الكفرة"، مع بقاء كلمة "سامحونا" مكتوبة داخل احد المنازل قد يكون خطها احد مقاتلي المعارضة قبل انسحابه او مقتله.

 

سلمى

 

وتعد مدينة سلمى أهم النقاط بريف اللاذقية باعتبارها أكبر تجمع سكاني ونظرا لموقعها الاستراتيجي، ولها رمزية كبيرة لدى قوات المعارضة حيث كانت أكبر مركز أمني للنظام، وقدموا المئات منهم عند سيطرتهم عليها قبل أربعة أعوام وخلال حمايتهم لها هذه المدة.

وفيما يبدو ان شبح الموت والدمار وانعدام اي من اسباب الحياة لن ينتهي قريبا في بلدة سلمى، في ظل حقيقة انها باتت من دون اي مقوم للحياة مع دمار كل شيء فيها وتهتك بنيتها التحتية، إضافة إلى أنباء تتحدث عن منع النظام عودة الاهالي الى الكثير من المناطق التي سيطر عليها وبينها بلدة الحفة التي اكد مصدر من الاهالي لسيريانيوز أنهم ما زالوا "لا يجرؤون على دخولها "، مشيرا إلى ان "من حاول دخولها استدعي إلى احد افرع المخابرات في وقت لاحق".

 

سلمى

 

بلدة سلمى الآن تحت سيطرة الجيش النظامي، لكن هذا لا يبدو كافيا لاعلانها منطقة امنة او قابلة للحياة من جديد، في وقت وما زالت تدوي أصوات راجمات الصواريخ وضجيج الطيران الروسي الذي يقصف ناحية كنسبا المجاورة، حيث أصبحت مركزا لعمليات خاطفة للفصائل المنسحبة من سلمى التي يتحرك الجيش النظامي الان منها للسيطرة على التلة المشرفة على كنسبا ما ترى فيه مصادر عسكرية محسوبة على النظام "كفيلا بحسم المعركة واعلان اللاذقية أرضا خالية من المعارضة المسلحة بشكل تام".

 

انيس قدسية - خاص سيريانيوز


RELATED NEWS
    -

Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved